العراق بين حضارة القوة وقوة الحضارة

العراق بين حضارة القوة وقوة الحضارة

عندما نكتب عن العراق فإننا نكتب تاريخاً وحضارة وعندما نقرأ عن العراق فإننا نقرأ مجداً تليداً فالعراق علامة فارقة في جبين الحضارة الانسانية وهو خزان الحضارة الانسانية يقول الآثاريون : هناك عشرة آلاف موقع اثري مسجل في العراق تخفي معالمه الحضارية . العراق واي تاريخ واي حضارة واي شعب صفحات من الماضي مشرقة

متوهجة يفوح منها عبق التاريخ منذ سومر وآكاد حتى عهد بني العباس في مجدهم الاول وعندما نسأل عن اهل العراق فإننا نسأل عن ذرى الهمم الذين ظلوا عبر العصور مستقبلين ما حل ببلادهم من نكبات برباطة جأش فشعب العراق هو شعب عريق الاصول شعب بلاد الرافدين الذي به يؤرخ لوجود الكون وارض العراق هي ارض الثقافة والخير والبر والتقوى .‏

ففي البدء كان الوطن وفي البدء كانت الكلمة ومن الكلمة انموذجاً والكلمة مفتاحاً لحضارة الكون فمن العراق كانت انطلاقة الانسانية منذ آلاف السنين فباختراع الكتابة من قبل السومريين حوالي 3200 ق.م انتقلت الانسانية الى عهد جديد سمي بالعصور التاريخية لان الكتابة باكتشافها وتطورها اصبحت وسيلة لتدوين التاريخ ومن المعروف ان الكتابة المسمارية اقدم لغة مكتوبة في العالم واولى الشرائع « شريعة حمورابي » واولى سنن الحب وامثولات الحكمة والفلسفة واولى الملاحم ظهرت في بلاد الرافدين على يد الملك كلكامش ملك اورك حوالي 5762 ق.م وتعتبر ملحمة كلكامش من اهم الاعمال الابداعية التي انجزت في التاريخ القديم ويضعها الباحثون ومؤرخو الادب بين شوامخ الادب العالمي وهي اقدم نوع من ادب الملاحم البطولية في تاريخ جميع الحضارات وهي اطول واكمل ملحمة عرفتها حضارات الشرق الادنى القديم وتسمى اوديسا العراق القديم .‏

ومن العراق ظهرت اولى الديانات في العالم وهي الديانة الابراهيمية ديانة سيدنا ابراهيم الذي ولد في اور في جنوب العراق ومن اور الى بابل المدينة المقدسة حيث حدائقها المعلقة احدى عجائب الدنيا السبع وبوابتها المشهورة « بوابة عشتار » .‏

واذا انتقلنا الى الشمال حيث آشور ونينوى ومملكة الحضر العربية كلها مدن تحكي قصة شعب وحضارة اعطت للانسانية الشيء الكثير فقد اسس الملك آشور بانيبال 966-926 ق.م المكتبة الملكية في نينوى وهي اول مكتبة في تاريخ البشرية ومن ابرز صروح الثقافة والابداع في التاريخ القديم وفيها ازدهرت الموسيقى حيث اكتشفت سيمفونية نينوى ومن يسمعها يقتنع تماماً بأنها اختزلت بالموسيقا كل عذابات العراقيين منذ أن نشأ العراق الى الوقت الحاضر .‏

وفي العصر العربي الاسلامي حيث أنشأت الكثير من المدن العربية كالبصرة الصامدة البطلة ،والكوفة التي أصبحت عاصمة الدولة العربية الاسلامية في عهد الامام علي كرم الله وجهه ،وكانت هاتان المدينتان مدارس في علوم اللغة والأدب والنحو ،ولاننسى سامراء وملويتها الشهيرة والتي أصبحت عاصمة للخلافة العباسية في عهد المعتصم ،وكذلك الموصل أم الربيعين والمئذنة الحدباء ،ومن يذكر العراق لابد أن يذكر بغداد عاصمة الخلافة العباسية لمدة خمسة قرون عندما أصبحت من أهم مراكز الاشعاع الحضاري ومنارة من منارات العالم في العلوم والطب والفلسفة والموسيقا والأدب ،عندما كانت أوربا ترزح تحت وطأة الجهل والتخلف والعصور المظلمة .‏

أي وطن هذا هو المتبقي المكتمل المستمر المعطي دوماً للإنسانية هذه بداية الحياة في أرض الرافدين ،ومقابل هذه الصورة المملوءة عزاً وكرامة وزهواً ،وحقاً تبدو صورة المجتمع الوحشي الآخر الذي تمثله أمريكا التي جمعت كل سقط متاع الأرض (منذ أن وصلها كولمبس عام 2941) من لصوص وقتلة ومغامرين وقراصنة ومرتزقة الذين استخدموا أشنع الأسلحة لتصفية سكان الأرض الجديدة الأصليين الذين أطلقوا عليهم اسم الهنود الحمر ،واستمروا باضطهادهم حتى وضعوا ماتبقى منهم في كانتونات للفرجة ،ومارسوا اضطهادهم المستمر للزنوج ومازالت هذه العنصرية الحاقدة تمارس الى يومنا هذا .‏

تلك صورة لبدء الحياة الأمريكية ،وصورة لبدء حضارة العراق وماتلاهما تاريخياً وحضارياً ينبئ بالفرق بين عالمين ،عالم من الشذوذ والقسوة وانعدام الضمير ،وعالم من الحب والعدالة والخير وخدمة الإنسانية ،هي العقدة الأساس في هذا الصراع الذي سينتهي إن شاء الله بانتصار الخير العراقي على صرخة الوحشية الأميركية المجرمة .‏